أبو ذاكرالصفايحي يذّكر الصائمين: اليس من فضائل الصيام الإقلال قدر المستطاع من الكلام؟

كتب: أبو ذاكرالصفايحي
لعل من اكبر الآفات اللسانية التي اصابت الأمة الإسلامية بعد زمن النبوة وعصر الخلافة الراشدة السنية هي الإكثار من الكلام في غير ضرورة ولا موجوب ولا فائدة ولا لزوم ولا إلزام بينما ثبت من حقائق وثوابت الإسلام عن طريق الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ومن تبعه من العلماء الكرام بلا شك ولا ريب ان الله لا يثيب المسلم يوم القيامة بكثرة عدد كلمات لسانه وانما سيسأله عما ابتغى وعما قصد بكلامه ومما لا شك فيه ولا خلاف ان فضيلة الاقلال من الكلام مطلوبة اكثر في عبادة الصيام او لم يامر سبحانه وتعالى مريم البتول عليها السلام وقد انعم عليها واكرمها غاية الانعام والاكرام فارسل اليها من ناداها وقال لها بفصيح الكلام (فاما ترين من البشر احدا فقولي اني نذرت للرحمان صوما فلن اكلم اليوم انسيا)؟
وفي هذا الاطار نفهم نصيحة ابي بكر الصديق رضي الله عنه وهو زعيم المسلمين الأخيار الذين نهجوا لانفسهم افضل منهج وحددوا للأتقياء افضل مسلك فقال(اقلل من الكلام فإنما لك ما وعي عنك) كما يعضده في تلك النصيحة عمر الفاروق الذي نطق بالحق والصواب فاجاد وحسم وفصل (رحم الله امرئا امسك فضل القول وقدم فضل العمل) اما الصحابي الجليل ابو الدرداء فقد كان يرشد اولي الالباب والعقول فيقول( انصف اذنيك من فيك فإنما جعل لك اذنان اثنتان وفم واحد لتسمع اكثر مما تقول) اما عن الخليفة الراشد الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي ازدانت بالعدل والخير والتقوى ايامه فقد قال(من عد كلامه من عمله قل كلامه) اما عن التابعي المهلب بن ابي صفرة الأزدي فهو يقول بأحسن بيان في الموازنة بين العقل واللسان( يعجبني ان أرى عقل الرجل الكريم زائدا على لسانه) وقد قيل في مرثية العالم الفقيه الزاهد المشهور(إبراهيم بن ادهم)
زهود يرى الدنيا صغيرا عظيمها وفي لحق الله فيها معظما
و أكثر ما تلقاه في القوم صامتا فان قال بذ القائلين واحكما
ورحم الله ذلك الشاعر الذي قال في هذا المعنى ما ينير العقول ويؤدب النفوس
ضحوك السن ان نطقوا بخير وعند الشر مطراق عبوس
واخيرا فان في كلام الله لأدبا جما وفيرا عظيما وعبرا وحكما ومواعظ وتسديدا اذ قال تعالى وهو العلي الحكيم تاديبا لنا وارشادا وتعليما (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) ولقد استند احدهم الى هذه الآية الكريمة فقال بيتين حكيمين احسن والله فيهما وأبدع وأجاد
تكلم وسدد ما استطعت فانما كلامك حي والسكوت جماد
فان لم تجد قولا سديدا تقوله فصمتك عن غير السداد سداد