الأمين الشابي يكتب لكم: مـــن أنتــــم….؟

كتب: الأمين الشابي
الكثير من واقعنا يلفه الغموض؟ و لا جواب قاطع عمّا يجري في وطننا الحبيب من أحداث، و على كلّ الأصعدة، سياسيا و اقتصاديا و ماليا و اجتماعيا و صحيّا و تربويا. الكلّ يدور في حلقة مفرغة، و لا أحد قادر على أن يجيب عن سؤال مركزي مفاده إلى أين تتجه سفينة البلاد في وسط بحر – لا أحد يعرف قاعه – بل كلّ ما يظهر منه أمواجه المتلاطمة يمينا و شمالا و مرسى و عمقا و لا ربان قادر على السيطرة على اتجاه السيفنة؟
الكلّ يدرك و يعي الانحدار الذي تمرّ به البلاد و الكلّ يدرك هذا الواقع المتردّي بل و المرّ الذي يعيشه سواد الشعب التونسي من ضنك و قلّة ذات اليد و بطالة الشباب ممّا دفعه إلى عوالم خطيرة ” كالحرقة ” والإدمان و اللاّمبالاة و ذلك أمام انسداد الأفق أمامه بل الوضع ازداد تدهورا على تدهور باستفحال و انتشار فيروس كورونا اللعين الذي يحصد يوميا العشرات و جعل حياة المواطن أكثر قتامة أمام عجز الحكومة لمجابهة هذا الخطر الداهم…
وأمام كلّ هذه المطبات و الأوضاع، التي تدمي الحجر فما بالك البشر، نجد طبقة سياسية تعبث بمستقبل البلاد و العباد بارتكابها الحماقة تلو الحماقة. بل لا شيء ذي قيمة لديها إلاّ الحفاظ على مناصبها و غنائمها و ما ملكت أيديهم عبر العراك و الخصام و التراشق بالتهم بل وصل الأمر بهم إلى حدّ العنف الجسدي و المعنوي حتّى لا نقول إلى التصفيات الجسدية و التي راح ضحيتها خيرة جنودنا و خيرة أعوان أمننا و أيضا البعض من سياسيينا و نذكر هنا شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمي و لطفي نقض و غيرهم من أبناء هذا الشعب المكافح في سبيل الخبزة و لعلني استحضر هنا الشابين السلطاني اللذين ذهبا ضحية انتشار الارهاب في ربوعنا و على أرضنا الطيبة و المعطاء حيث أصبح للدم رائحة تفوح في أرجاء وطننا العزيز.
وأمام هذا الوضع تنقل وسائط التواصل الاجتماعي بمختلف محاملها و تتحدث عن حركة تصحيحية تحت مسمى ” حركة 25 جويلية ” و شخصيا السؤال الذي طرحته و أطرحه منذ بروز منشورات هذه الحركة يقول ” من أنتم و ما هي أهدافكم و من الهيئة المسيرة؟ ليأتي الجواب من هذه الحركة نفسها حسب ما يظهر كما يلي و أنقله كما ورد
” احنا شكون؟
أحنا مواطنين توانسة موش متسيسيين،
نشوفو في بلادنا ماشية للهاوية كل عام أخيب من خوه.
أحنا تلمينا بعفوية كي شفنا النهضاويين إلي حكمو البلاد عشرة سنين و هلكو البلاد لا حشمة لا جعرة يطالبو بتعويضات و الناس تموت كل يوم بالمئات.
النهضة إعتبرت تونس غنيمة تمص في شعبها و متمعشة من نظام سياسي إتفق الناس الكل إلي هو نظام سياسي فاشل و إستمرارو جريمة في حق تونس.
كل تونسي مرحب بيه معانا إلا النهضة و باراشوكاتها أصحاب الخراب.
كلنا يد وحدة بصفتنا مواطنين توانسة نهار 25 جويلية باش نقولو لا للتعويضات و لترحل منظومة الخراب.
الكل في إطار القانون و السلمية و إحترام البروتوكول الصحي قدر الإمكان
▪ حركة 25 جويلية “
وتعليقا و تحليلا لهذا المنشور، نقول بداية نعم أنا شخصيا مع التغيير الايجابي أمام ما عرفته البلاد من عشرية سوداء على كلّ الصعد حيث :
1/تمّ اغراق تونس و شعبها في برك من المشاكل الاجتماعية على غرار تفقير سواد الشعب و بروز في المقابل طبقة صغيرة تنعم بالرفاه و المال و الجاه وبالمناسبة نطرح عليها من أين لك هذا؟
2/تبوأ سدة الحكم، منذ عقد من الزمن، طبقة لا تفقه تسيير البلاد و لا لديها برنامج اقتصادي و اجتماعي تسير عليه بل تتصرف ” كعطار ” صغير في حومة عربي غير مدركة تماما و أنّها أغرقت البلاد و العباد في ديون و قروض لا يعلم الله كيف سيتم خلاصها و لا تعلم أيضا أنّها تتجه بالدولة التونسية نحو الافلاس؟
3/اتجاه جلّ ساستنا الأشاوس نحو الاستكراش و فكر الغنيمة و استفحال الفساد و الفاسدين و الأدلة موجودة على قارعة الطريق و لا تتطلب مجهودا كبيرا لمعرفة حتّى تفاصيلها و لعلّ على رأسها ما يعرف بقضية ” نفايات ايطاليا ” و غيرها من عمليات تبييض الأموال و تبذير المال العام و السرقات و النهب بلا حسيب و لا رقيب.
4/حماية بعض الفاسدين من قبل بعض الأحزاب السياسية و في شتّى المجالات إلى درجة و أنّها طالت هذه الحماية حتّى مجال القضاء و العدالة من قبل من تستر على الارهابيين و حال دون محاسبتهم على ما ارتكبوه في حق البلاد و العباد من جرائم
5/ارتماء بعض الأحزاب و بعض التيارات في أحضان قوى اقليمية على حساب سيادة البلاد و حرّية قرارها بل وصل الأمر بالبعض منها أن تفضل مصلحة أحزابها و ” ايديلوجيتها ” على حساب مصلحة الوطن دون وازع وطني و لا حتّى أخلاقي و لا قيمي…
أمام كلّ هذه المطبات لا بدّ من حركة للتغيير و لكن أعيد طرح نفس السؤال ” من أنتم” و ما هي أهدافكم الحقيقية و من وراءها ؟. أطرح كل هذه الأسئلة و غيرها ليس استنقاصا بل من باب التحرّي حتّى لا نقع في مخرجات ” ثورة ” سنة 2011 و التي لم تعد خافية نتائجها على أحد من الخراب الذي تعيشه البلاد و العباد على أكثر من صعيد. و عليه لابدّ أن تكون هذه الحركة جليّة و واضحة فضلا عن وضوح أهدافها و منظميها و منظريها و قادتها و بذلك فقط سينخرط الجميع في صلبها باعتبار و أنّ المنظومة الحالية التي ركبت على ” ثورة ” 2011 انزلقت نحو جني الغنائم و ترسيخ كراسيها و لو بشراء الذمم لأصحاب النفوس الضعيفة و بعض الوسطاء الانتهازيين .بل و أصبحت منبذة من طرف السواد الأعظم من الشعب..؟
ومن هذا المنطلق و باعتبار الغموض و الضبابية الذي يطغى على هذه الحركة التصحيحية التي تتبنى تغيير الوضع نحو الأفضل انطلاقا من تاريخ 25 جويلية و هو تاريخ عيد الجمهورية و ما تعنيه هذه المناسبة الوطنية من سيادة الشعب باعتباره المصدر الأصلي لكل السلطات، فلا بدّ من الوضوح و بلورة الأهداف حتّى لا نسقط في نفس البئر بل و الفح الذي سقطنا فيه منذ سنة 2011 و الذي ما زلنا نعاني منه إلى حدّ هذه اللحظة..
ولكن قد يسأل منظمو هذه الحركة التصحيحية سؤالا مفاده ” من يضمن لنا الأمن و الأمان ان كشفنا على أنفسنا في ظل نظام لا يريد التفريط في السلطة حفاظا على مصالحه و خوفا من المحاسبة ؟” جوابا على ذلك نقول إن كنتم كما تنشرون و أنّ الـ 24 ولاية منخرطة في هذه الحركة التصحيحية لم الخوف و كلّ الشعب معكم باستثناء بعض الأحزاب المعروفة؟ و أ ليس الكلمة الأخير للشعب؟ و ككلمة أخيرة نقول نعم مع التغيير السلمي لهذه المنظومة الفاسدة و لكن مع وضوح الأهداف و الهيكل المسير حتى لا يلدغ الشعب من الجحر مرتين؟