
كتب: نوفل سلامة
يتواصل التفاعل مع حدث تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي من دون حل لكامل حكومته حيث لا يزال إلى اليوم بعض الوزراء السابقين يواصلون عملهم على غرار وزير الصحة والشؤون الاجتماعية ووزير التجهيز والإسكان والبنية التحتية ووزير التعليم العالي و وزير التربية ووزير الشؤون المحلية ووزير النقل وغيرهم بما يعني أن حل الحكومة لم يتبع آليا تنحية رئيسها كما قيل في البداية، وهي معضلة أخرى تعترض رئيس الدولة في مواجهة مطالب حراك 25 جويلية الذي خرج لإسقاط الحكومة برمتها لاعتبارها فاشلة.
وتتواصل ردود الأفعال المختلفة من التوصيف القانوني الذي اعتمد عليه رئيس الجمهورية لاتخاذ ما اتخذه من تدابير استثنائية رأي فيها البعض أنها تصب في ما نص عليه الفصل 80 من الدستور ولو بتفسير موسع لمعناه وإجتهاد خاص بقيس سعيد لتجنب الخطر الداهم الذي كان يهدد أمن البلاد واستقلال الوطن، في حين رأي فيها البعض الآخر خروجا عن الدستور وتحريفا لمنطوق الفصل 80 الذي جاء بإجراءات أخرى مخالفة لما تم اتخاذه… وهذه مسألة سوف لن تنتهي وسوف يتواصل الجدل بخصوصها ومن المواقف المبهمة والملتبسة إلتباس الوضع التونسي ما حصل مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أصدر بيانا بعد اجتماع مركزيته يوم 26 جويلية الجاري خرج فيه بموقف غير مرحب بقرارات الرئيس قيس سعيد، ولكنه في نفس الوقت غير رافض ولا مستنكر لتجميد البرلمان وحل حكومة المشيشي في حين كانت لقياداته مواقف تعتبر أن الرئيس لم يخرق الفصل 80 من الدستور وهي مسألة محيرة ومفهومة في نفس الوقت و تحتاج مقالا آخر لتحليلها.
وفي إطار هذه الأجواء التي يقودها تياران الأول مساند ومرحب بكل القرارات التي اتخذها الرئيس وغير عابئ بالجوانب الاجرائية الدستورية والثاني متحفظ ومتخوف من القرارات الرئاسية الأخيرة، يأتي الاجتماع الذي عقد يوم 27 جويلية الجاري والذي ضم عددا من المنظمات الوطنية وهي النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين بتونس والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية القضاة التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما حضر هذا اللقاء عدد من الخبراء وأهل الرأي للاستماع إلى آرائهم واستشارتهم بخصوص هذا الحدث المستجد الذي غيّر كامل المسار الانتقالي.
أهم مخرجات هذا الاجتماع صدور بيان مشترك وقعت عليه جميع المنظمات الحاضرة أهم ما جاء فيه مطالبة رئيس الجمهورية بتقديم خارطة طريق واضحة عن المرحلة القادمة مع تحديد رزنامة واضحة ودقيقة لا تتجاوز الثلاثين يوما لتطبيق الاجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس وأرفقها بقرارات لمكافحة الفساد والإعلان على تكوين لجنة عمل مشتركة لمتابعة تطورات الوضع السياسي في البلاد ولإعداد تصور لخارطة طريق تضم المحاور المستعجلة يتم مشاركتها مع منظمات المجتمع المدني وتقديمها للرأي العام ولرئيس الجمهورية للاستئناس بها، وحذر الحاضرون في هذا الاجتماع من أي تمديد غير مشروع ومبرر في تعطيل مؤسسات الدولة مع ضرورة الالتزام بمدة الشهر المعلن عنها في الفصل 80 من الدستور لإنهاء التدابير الاستثنائية وإنهاء عملية تجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية.
فهل يستجيب رئس الجمهورية لهذه المطالب التي تأتي في إطار الضمانات التي طالب بها طيف كبير من الشعب والنخبة التونسية حتى لا يتحول ما هو وقتي واستثنائي إلى مرحلة دائمة لا نعرف متى تنتهي؟ وهل يستمع الرئيس لما قاله الممثلون عن هذه المنظمات الوطنية وهو الذي عودنا في الماضي أنه لا يستمع إلى أحد ولا ينفذ إلا ما يراه ويفكر فيه؟
وهل ما زال الاتحاد العام التونسي للشغل يأمل في إيجاد أذن صاغية وهو الذي ظل لقرابة الستة أشهر يجري ويلهث وراء حوار وطني لم يحققه ولم يستجب له الرئيس مما جعل مبادرة الاتحاد تولد ميتة؟
فهل يعاد نفس السيناريو مع مخرجات اجتماع المنظمات الوطنية التي على ما يبدو تلعب في ميدان غير ميدانها وتتحرك في وقت لا يتحكم فيه الرئيس؟ فهل يسترجع الاتحاد بعد هذا الاجتماع صورته ومكانته أو يكون خاسرا من بين الكثير من الخاسرين الذين من المؤكد أن وضعهم لن يكن كما كان عليه قبل يوم 25 جويلية 2021…