فنون

الفنان الكبير لطفي بوشناق في ضيافة بنزرت..يفتح قلبه ويتحدث كما لم يتحدث من قبل (صور)…

غصّ فضاء المقهى الثقافي بسيدي سالم ببنزرت على غير عادته بحضور نوعي و مكثف، على غرار الإعلامي والمدير العام للإذاعة الوطنية الأسبق محمد الحبيب حريز و الحاضر بالغياب رجل السياحة و الإعلام و الداعم لهذا الحراك الثقافي عفيف كشك،
وخالد العبيدي، مندوب الثقافة السابق ببنزرت والأديب محمد الصالح النهدي و صديق الفنان المقرّب و الوجه المجتمعي ببنزرت جمال العلوش و الشاعر العراقي ستار الدليمي و الشاعر الغنائي .محمد القاسمي، رئيس اتحاد الشعراء الشعبيين. و الدكتور عبد الرحمان المرساني و كريمته الطفلة رحمة، صاحبة العزف الجميل على ” الكمان “

فضلا عن بقية الحضور من شعراء و اعلاميين و محبين ومتابعين و رواد المقهى الثقافي، و كان الكل يبحث عن مكان للجلوس، ومن عثر على مبتغاه كمن وجد كنزا، كيف لا و الكل في انتظار الكبير لطفي بوشناق لينزل ضيفا على منتدى الثقافة و الإعلام و تنسيقية الصحفيين بولاية بنزرت وبمبادرة من هذين التنظيمين وذلك يوم الخميس 16 مارس 2023.

حفاوة الاستقبال واقتراح ببعث إذاعة

وما إن حلّ ركب الفنان لطفي بوشناق ضيفا على المقهى الثقافي بسيدي سالم ببنزرت حتى علا التصفيق وغطت أصداء المكان الزغاريد، احتراما و اجلالا لهذا الفنان الكبير و الفنان الانسان، و هو يحيي مستقبليه يمنة و يسرة. وليأخذ مكانه بين الحضور دون أن يصطحب معه و لا آلة موسيقية، ولينطلق اللقاء بكلمة ترحيبية قدمها الإعلامي رشيد البكاي جاء فيها بالخصوص “أهلا بك بين أهلك و محبيك، اهلا بالفنان الانسان و بالمطرب الملتزم و بالمبدع التونسي الأصيل الذي غنى لتونس و لكل الأقطار، مضيفا لا أدري كيف سأنهي تقديمي لهذا الكبير لطفي بوشناق غير الاستماع إليه سردا و لحنا وغناء »…

ثم ليعقب عليه الفنان لطفي بوشناق بكلمات فيها من الدفء و التقدير لهذه الحركية الثقافية ببنزرت الكثير و ذلك بالقول ” أنا منبهر بالفعل لمثل هذه الحركية الثقافية التي تعيشها بنزرت و تحديدا هذا الفضاء الثقافي الذي أتمنى أن تنسج عليه بقية الولايات، لأنّه في النهاية، نحن، لا نملك إلاّ الثقافة التي يجب أن نراهن عليها لتغيير الواقع المرير، مقترحا في ذات السياق النظر في إمكانية بعث إذاعة خاصة بهذا الفضاء ووعد أنّه سيكون من أوّل أعضائها و روادها و ذلك قصد أن يشع هذا الحراك الثقافي لا على بنزرت فقط بل ليصل صداه إلى الفضاء الأرحب و الأوسع »..

غابت الآلات الموسيقية وحضر صوت الفنان

وإن كانت ضربة البداية غنائية و بالمالوف التونسي الأصيل (أليفي يا سلطاني) فإنّ اللقاء كان جميلا جدّا من حيث الحديث الممتع مع لطفي بوشناق – في غياب تام لأي آلة موسيقية مصاحبة له – و كأنّه أراد أن يكون اللقاء، لقاءا حواريا ليتبادل من خلاله الآراء مع الحضور، سردا و غناء و شعرا و مواقفا، وذلك بعيدا عن اللقاءات العادية بين فنان يغني و جمهور يصفق و يستمتع.
وبالفعل، كان له ذلك حيث تحدث لطفي بوشناق كما لم يتحدث من قبل بقوله، وأنّ لديه ما يزيد عن 30 مشروعا من الابتهالات الدينية و الأغاني ولكن لم تر بعد النّور أمام توجه بعض القنوات عموما إلى البرامج التي تدّر الربح السريع، والتي للأسف تكرّس الرداءة موضحا في نفس السياق أنّ الفنان أيضا يتحمّل جزءا ممّا نحن فيه من صعوبة الوضع…
موضحا و أنّه على الشعراء تناول مواضيع غير المواضيع المتداولة و التي أطنبت خاصة في مجال الحب لتتعاطى القصيدة مع مجالات أخرى تمس الحياة اليومية للكادحين و على سبيل الذكر لا الحصر.
وقد ألقى في نفس السياق قصيدة و أن كانت باللهجة الشرقية و لكنها جسدت المقصود باعتبارها تناولت وصف عمل ” الخباز ” و بما يكابده من أجل إحضار جيوش من الرغيف لإطعام الأفواه و ما يترتب عن ذلك من تحمّل هذا ” الخباز ” من تعب على أكثر من مستوى خدمة للآخرين ، لتعزف بعدها الطفلة رحمة المرساني على آلة ” الكمان ” لحن ” أنت شمسي أنت ” وتتواصل رحلة الشعر مع الشاعر العراقي ستار الدليمي قصيد باللهجة العراقية بعنوان ” تعالى اسمع يا زرياب ” ليردفها لطفي بوشناق بقصيدة شرقية أخرى ثمّ ليشنف آذن الجميع بأغنية بعنوان ” الفنان ” و هي تتحدث عن الفنان و دوره في الحياة بل و يفاجئ الحضور بأغنية بعنوان ” لنغني ” و قد وضع كلماتها على اللحن المشهور لــ ” بيهوفن ” و قدمها للحضور عبر آلة تسجيل ليطرب لها الجمهور لعمق كلماتها ..

لقاء استثنائي

وبوشناق أكّد على أن هذا اللقاء هو لقاء استثنائي، ليتحدث في كل شيء و خاصة ” الشعر الحاضر بقوة خلال هذا اللقاء و عليه فقد قدم بعض الشعراء من أبناء بنزرت بعد القصائد على غرار الشاعر عز الدين الشابي و الشاعرة ليلى الحمروني و الشاعر الأمين الشابي الذي قدّم له قصيدة، قد تكون مشروع أغنية من تلحين و أداء الكبير لطفي بوشناق، و هي بعنوان ” يكفي النحيب للسماء ” نورد منها مطلعها الذي يقول ” تسألينني، وعيناك سابحة في الفضــاء/ تسألينني، وعيناك كلّها عتاب وكبرياء / تسألينني، يا ضاحكة العينين / إن كان الحبّ بيننا أخذا وعطاء . كما تواصلت رحلة الشعر مع الشاعر الغنائي محمد القاسمي الذي قدم للجمهور قصيدة من الشعر الشعبي كان قد قدمها سابقا لبوشناق لأدائها و جاءه الرّده من الفنان لطفي بوشناق الذي أسمعه إيّاها ملحنة و طرب لها الحضور لأنّه وجدها قريبة منه وهي على ” الفزاني التونسي »..

رسائل من بوشناق وتكريم من الحضور

كما أسلفنا الفنان بوشناق يريد من هذا اللقاء أن يكون لقاءا استثنائيا بكل المقاييس، فتحدث بوشناق عمّا الله حبى به بنزرت من خيرات وموقع جغرافى ممتاز حيث يوجد بها البحر و الغابة و الأراضي الفلاحية الخصبة والصناعة و غيرها، وعليه دعا الحضور لحلحلة الوضع حتى تصبح بنزرت قطبا سياحيا بأتم معنى الكلمة خاصة على مستوى حلحلة مشروع “مارينا بنزرت ” و ليختتم هذا اللقاء غنائيا ، و نحن على أبواب شهر رمضان بأغنية جديدة بعنوان ” رمضان شهر الخير “

مفاجأة طيبة…

هذا و قد تفاجأ الفنان لطفي بوشناق حقيقة بهذا الكم من الحب الذي غمره به الحضور عبر هذا اللقاء سواء على مستوى الاصغاء إليه عبر ما بعثه رسائل هامة و بناءة و في أكثر من مجال خاصة دعوته المتعلقة بمواصلة المشوار في نفس هذا الطريق عبر المنابر الثقافية أو عبر تأكيده على بعث إذاعة خاصة بهذا الفضاء الثقافي ليكون منارة تشع على بقية جهات الجمهورية أو عبر ما استمع له من قصائد و حوار مسؤول، و قد تجسّد هذا الحب الذي غمره به الجمهور في الهدايا الثقافية التي قدمت له في ختام هذا اللقاء حيث تمّ اهداءه أكثر من كتاب و في جلّ المجالات، الشعرية و الفنية و الثقافية و السياسية و التي هي من تأليف أبناء جهة بنزرت فضلا عن باقة الورد التي قدمت له و الصور التي التقطت معه إلى درجة أنّه لم يرفض أي طلب لأخذ الصور رغم التزاماته الكثيرة يومها.

كلمة الختام

ما أحوج تونس عموما إلى مثل هذه الفضاءات الثقافية الجادة التي تراوح بين اللقاءات الفنية الثقافية و ما يمكن أن يتوّلد عنها من مشاريع ثقافية و أيضا بين اللقاءات الحوارية في شتى المواضيع من أجل البناء و المساهمة في بناء تونس الجديدة، وكلمة شكر نسوقها لكل من ساهم في إثراء هذا اللقاء الاستثنائي مع قامة غنائية استثنائية بل قامة إنسانية سمتها التواضع و نكران الذات فشكرا أيها الكبير بوشناق…

مواكبة: الأمين الشابي
عدسة: حنان الذوادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى