صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ منارات مغاربية على ضفاف السّين: الطاهر بن جلّون

 كتب: عيسى البكوش

منارتنا هذه أضاءت العالم الأدبي الفرنكفوني وحتى العوالم الأخرى بفضل الليلة المقدسة وهي رواية أحرز صاحبها بفضلها على أرقى جائزة أدبية في فرنسا وهي جائزة Goncourt.

إنّه الطاهر بن جلّون الأديب المغاربي الذي يكتب بالفرنسية والذي يعدّ أكثر كتاب الفرنسية إطلاقا ترجمة إلى اللغات الأخرى.
وقد أشار إلى ذلك رئيس الدولة الفرنسية عندما انتظم موكب رسمي يوم غرة فيفري من سنة 2008 تمّ تسليمه أثناءه الوسام الأكبر للفيف الشرفي إذ قال : ” إننا معتزون بأن كتابك الليلة المقدسة La nuit sacrée ترجم إلى 43 لغة وأنّ كتابك عن العنصرية Le racisme expliqué à ma fille وقع ترجمته إلى 25 لغة.”

مسيرة بن جلون

ولد الطاهر بن جلّون بمدينة فاس يوم غرة ديسمبر 1944 وزاول تعليمه بالمدرسة القرآنية هناك ثم بالمدرسة الابتدائية الفرنسية العربية وكان يديرها فرنسي ويتلقى فيها التلاميذ التعليم بالفرنسية صباحا وبالعربية مساء .
سنة 1955 يتحول والده إلى طانجة فيزاول تعليمه الثانوي في معهد ابن الخطيب وهو تعليم مجمله بالفرنسية ثم ينتقل إلى المعهد الفرنسي Régnant حيث يحرز على شهادة الباكالوريا سنة 1963.
في الرباط يزاول تعليمه العالي في شعبة الفلسفة لسنة 1966 وعلى إثر الأحداث الطالبية والتلمذية في المغرب ينقطع عن تلقي الدروس في الجامعة بسبب إبعاده في الحاجب ثم في اهرمامو شرق المغرب حيث يقضي فترة في الجيش ولما يقع تسريحه سنة 1968 يعود إلى الجامعة ليكمل إجازته.
أكتوبر 1968 يعين في أول منصب كأستاذ تعليم للفلسفة بثانوية الشريف السنوسي بتطوان وفي نفس السنة ينشر في مجلة أنفاس  Souffles أول قصيدة له L’Aube des dalles
أكتوبر 1970 تقع نقلة الطاهر بن جلّون إلى معهد محمد الخامس بالدار البيضاء حيث لم يتمكن من إنهاء برنامجه نظرا للأحداث التلمذية التي عاشها من جديد المغرب.
جوان 1971 يقرّر على إثر قرار تعريب الفلسفة الرحيل إلى فرنسا لمزاولة تعليمه بالمرحلة الثالثة ويتلقى للغرض منحة من جمعية خيرية.
يصل إلى باريس يوم 11 سبتمبر 1971 ويقطن بالحي الجامعي وبالذات بدار النرويج .
سنة 1975 يقدم في جامعة Jussieu أطروحته في مجال علم النفس الاجتماعي حول المسائل العاطفية والجنسية للعملة شمال إفريقيا بفرنسا. ويلمح في القاعة حضور الأديب Jean Genêt  فيتعرف عليه وتنطلق الصداقة بل قل الالتحام مع فرسان الأدب في فرنسا.
في الواقع قد انطلقت مسيرة الطاهر بن جلّون الأدبية منذ نشره لقصيدة له L’Aube des dalles وهو في سن الرابعة والعشرين.
4 سنوات من بعد أي يوم 19 جوان 19972 ينشر الطاهر بن جلّون أول مقال له في جريدة Le Monde بعنوان تقنيات اغتصاب Technique d’un viol  وابتداء من سنة 1973 يصبح متعاونا مع تلك الجريدة ويرسله سنة 1974 مديرها آنذاك Jacques Fauvet إلى مكة ليقضي موسم الحج فينشر تباعا 3 مقالات في جانفي سنة 1975.

أول رواياته…

أول رواياته هي Harrouda  وقع نشرها سنة 1973 في دار Denoël ونال عليها استحسان الفيلسوف Roland Barthes والكاتب Samuel Becket ومن قبلها أي سنة 1972 أصدر عن Maspero  ديوانا يحمل عنوان Cicatrices du soleil ثم من بعد ذلك تتالت الإصدارات سنة 1966  La réclusion solitaire سنة 1976 نشر ديوان اللوز يموت بجراحه Les amandiers sont morts de leurs blessures .
سنة 1976 الذاكرة المستقبلية La Mémoire future,
وهو عبارة عن انطولوجيا للشعر الجديد في المغرب
سنة 1977 La Plus haute des solitudes
سنة 1978 موحى الأبله موحى الحكيم Moha le fou, Moha le sage
سنة 1980 À l’insu du souvenir وهو ديوان شعر
سنة 1981 صلاة الغائب La Prière de l’absent
سنة 1983 L’Écrivain public,
سنة 1984 Hospitalité française
سنة 1985 طفل الرمل L’Enfant de sable
سنة 1987 الرواية الحدث ” الليلة المقدّسة ” La Nuit sacrée  التي نالت جائزة Goncourt
سنة 1990 يوم صمت في طانجة Jour de silence à Tanger  
سنة 1991 رواية Les Yeux baissés
سنة 1991 Alberto Giacometti
سنة 1991 La Remontée des cendres  وهي منشورة باللغتين
سنة 1992 الملك الأعمى L’Ange aveugle  وهي مجموعة قصص  
سنة 1994 L’Homme rompu وقد قدمها بنفسه في إحدى المكتبات في العاصمة الفرنسية يوم 12 ماي من السنة نفسها.  
سنة 1994 أيضا أصدر كتاب La Soudure fraternelle
سنة 1995 أصدر ديوانا لمجمل أشعاره Poésie complète 
ثمّ أصدر على التوالي :
• الحب الأوّل هو دائما الأخيرLe premier amour est toujours le dernier
• Les Raisins de la galère
• ليلة الخطأ La Nuit de l’erreur
• سنة 1998 العنصرية كما بينتها لابنتي
Le racisme expliqué à ma fille
وقد وقع تقديم هذا الكتاب في عدد هائل من المعاهد والمؤسسات التربوية داخل فرنسا وخارجها
-Sur ma mère  على ذكر أمي
–  L’auberge des pauvres  
-Cette aveuglante absence de lumière  وهو بمثابة شهادة وشدّ أزر للمعتقلين في زنزانتهم تزمامرت.
ثم يصدر الطاهر بن جلّون
الإسلام كما أبيّنه للأطفال  L’Islam expliqué aux enfants
• La belle au bois dormant  
• المدرسة المفقودة L’école perdue
• الصديق الأخير Le dernier ami  
• الرّحيل Partir
• Au plus beau pays du monde  عند Seuil
– سنة 2010 Jean Genet, menteur sublime عند Gallimard
– سنة 2011 Par le feu عند Gallimard
– سنة 2011 L’Étincelle عند Gallimard
– سنة 2011 Que la blessure se ferme عند Gallimard
– سنة 2012 Le Bonheur conjugal عند Gallimard
– سنة 2012 Au seuil du paradis عند Gallimard
– سنة 2014 L’Ablationعند Gallimard
– سنة 2014 Mes contes de Perrault, عند Le Seuil
– سنة 2015 Contes Coraniques عند Gallimard
– سنة 2015 De l’Islam qui fait peur
– سنة 2016 Le Mariage de plaisir عند Gallimard
– سنة 2016 Le Terrorisme expliqué à nos enfants عند Le Seuil
– سنة 2017 Un pays sur les nerfs عند éditions de l’aube
– سنة 2018 La Punition عند Gallimard
– سنة 2019 L’insomnie عند Gallimard
– سنة 2022 Douleur et lumière du monde ديوان شعرعند Gallimard
– سنة 2022 La Couleur des mots عند Gallimard
– سنة 2022 Au plus beau pays du monde عند Le Seuil

عبر لغة الآخر…

حمّل الطاهر بن جلّون قلمه هموم بني جلدته من عرب ومسلمين وراح يخاطب الآخر في لغة الآخر ويحدثه عن ذاته المغاربية بأسلوب أعجب القرّاء بدليل العدد الهائل لمبيعات كتبه.
إنّ ثراء مدونة الطاهر بن جلّون إنما هو نتاج لعطائه الفكري والذي يستمدّ جذوره من أرض الأجداد أرض الكرم والجود مغربنا الذي ساهم ويساهم مبدعوه الذين يكتبون   – وأضيف- يحسنون الكتابة بل النحت في لغة Molière ومن لفّ لفّه من كبار كتاب الفرنسية.    
يقول في كتابه L’homme Rompu الرجل المنكسر وهي رواية كتبها الطاهر بن جلّون لكي يبدي مساندته لأديب اندونيسي يدعى Ananta Toer تناول المسألة نفسها أي الرشوة. إنّ هاته القصص المتشابهة والمتباينة في آن محليّة هي وكونية فهي تغرينا نحن كتّاب الجنوب حتى ولو كان هذا الجنوب في أقصى الشرق.
للطاهر بن جلّون صولات وجولات مع القلم، مع الكلمات التي هي أنفاس للإحساس،    وإنّ الطاهر بن جلّون لهو نموذج لنجاحنا في توظيف بحر لغة الأم في مسالكنا الإبداعية الكونية.
وابن جلّون بإحرازه على جائزة Goncourt سنة 1987 أثبت للفرنسيين كما لمتكلمي الفرنسية أنّ الفرنسية ليست حكرا على أي شعب ولو كان الشعب الفرنسي، فهي ملك مشاع لكلّ من تعلمها وحذق أدبها من سرد ورواية وشعر ومقال وكلّ ذلك تناوله الطاهر بن جلّون في كتاباته العديدة والمتعددة والتي لا يمكن حصرها.
كتب الطاهر بن جلّون في مجموعة أقاصيصه : الحبّ الأول هو دائما الأخير.
” إنّ قدرك مثل ظلّ النخلة دوما يسبقك
هو طريقك وهو البصمة لخطاك
أينما تولي وجهك فهو يحيط بك
هو المرآة موضوعة على رمل أفكارك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى