الصريح الثقافي

منتدى في بنزرت يناقش: الوساطة الضائعة في الخلاف البورقيبي اليوسفي

مثلما دأبت عليه تنسيقية الصحفيين بولاية بنزرت ومنتدى الثقافة و الإعلام، الذي يرأسه شيخ الإعلاميين رشيد البكاي وفي نفس الفضاء للمقهى الثقافي بمرفه بنزرت الذي خصصه السيد عفيف كشك لمثل هذه اللقاءات و بحضور كمّي و نوعي…

حضور كبير

نذكر منهم المحامي البشير الخنتوش وعقيلته والدكتور في علم الاجتماع عبد الرحمان المرساني و الدكتور زهير الذوادي  و شاعر بورقيبة عز الدين الشابي و جمع من الإعلاميين و المثقفين و الرياضيين و السياسيين السابقين و بعض الوجوه المجتمعية، التأم يوم السبت 25 فيفري 2023  لقاء حواري مع الكاتب  فاخر الرويسي حول كتابه ” العميد فتحي زهير، الوساطة الضائعة في الخلاف البورقيبي اليوسفي”

تقديم الكتاب

بعد الكلمة الافتتاحية للسيد رشيد البكاي حول محتوى هذا اللقاء الحواري تفضل الكاتب فاخر الرويسي من تقديم محتوي مؤلفه حول ” الوساطة الضائعة في الخلاف البورقيبي اليوسفي ” و تعرض فيه بالخصوص وأنّ كتابه صدر سنة 2016 و يحتوي على 319 صفحة مقسمة إلى 8 أبواب و المقدمة فيه كانت للوزير الأول الراحل الهادي البكوش، ليتدرج بعد ذلك إلى تقديم  لمحة عن حياة العميد فتحي زهير الذي قال عنه بالخصوص أنّه كان المحامي و الرياضي ( باعتباره كان حارس مرمى و رئيس النادي الافريقي) ومن صفاته  التواضع و البشاشة و الكرم  فضلا عن كونه كان زوجا للفنانة فتحية خيري رغم معارضة والده و لكنه تزوج منها وأنجب منها أيضا.
ومن جهة أخرى تقلد العميد فتحي زهير العديد من المناصب الديبلوماسية على غرار سفارة إيطاليا و غيرها والسياسية كوزير للصحة و أيضا كمدير للتشريفات في قصر قرطاج في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة.

خلاف بين بورقيبة وبن يوسف

ومع بدء الخلاف بين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف حول الاستقلال التام، ذكر المؤلف أن العميد فتحي زهير، بحكم كونه صهر صالح بن يوسف كلّفه الحبيب بورقيبة بالقيام بوساطة بينه وبين بن يوسف لرأب الصدع باعتبار وأنّهما ينتميان لنفس الحزب و لكن بن يوسف رفض هذه الوساطة وتمسك برأيه حول ” الاستقلال الداخلي ” و بالتالي ارتأى بن يوسف الهروب إلى ليبيا خاصة بعد موجة الاغتيالات التي طالت سائقه ومصوّره الشخصي و ما رافقها من انتصاب للمحكمة الشعبية التي كان يرأسها السيد محمد فرحات و التي أصدرت حكما بالإعدام على صالح بن يوسف، وكما هو معلوم انتهت مسيرة صالح بن يوسف باغتيال بألمانيا…

النّقاش كان أثرى من محتوى الكتاب

في بداية الأمر  تراءى للحضور و أنّ الكاتب سيتناول، في مؤلفه، و بعمق هذه الوساطة الضائعة في الخلاف بين بورقيبة و بن يوسف إلاّ أنّ محتواه أطنب حول الحياة الخاصة للعميد فتحي زهيرـ باعتباره كان الوسيط بين بورقيبة و بن يوسف – و اكتفى المؤلف بتدوين فقرة صغيرة تعرض من خلالها إلى هذه الوساطة، و لكن ما يثلج الصدر و أنه خلال النقاش أثيرت العديد من المسائل حول  هذه القضية لذلك نورد فيما يلي بعض النقاط التي أثارها المتدخلون في هذا الشأن  خاصة و أنّ مسألة اغتيال صالح بن يوسف هي حاليا موضوع شكاية تقدم بها أحد أحفاد صالح بن يوسف للقضاء:

اسئلة مطروحة

*لماذا لا يكون من ضمن الحضور بعض المخرجين السينمائيين خاصة إذا كان اللقاء يتناول المؤلفات التي تتحدث عن القضايا الوطنية و ذلك من أجل  إمكانية جعل مضامين هذه المؤلفات كأفلام تسلط الأضواء على تاريخ الحركة الوطنية و بعض القضايا الشائكة منها و لكن بتناول موضوعي بعيدا عن التحيز إلى جهة بعينها كما حصل في أحدى الأفلام السينمائية التونسية السابقة التي تناولت مثل هذه القضايا.

*أحد المتدخلين أكّد، و أنّه بسؤاله للزعيم الحبيب بورقيبة – باعتباره  كان من المقربين من القصر وهو شاعر بورقيبة – حول ما إذا فعلا كان بورقيبة وراء اغتيال بن يوسف، أجاب بورقيبة و العهدة على المتدخل و أنّه أكّد له و أنّه لم يكن وراء تلك الحادثة بتاتا…
* هل من علاقة بين حادثة اغتيال بن يوسف و اندلاع حرب بنزرت باعتبار و أنّ البعض ربط بين هاتين الحادثتين و الذين رأوا فيها  و أنّ بورقيبة أخذ قرار حرب الجلاء ببنزرت لإبعاد تهمة التواطئ مع فرنسا التي تلاحقه من قبل الشق الموالي لبن يوسف؟ و أيضا أين عقلاء وحكماء تلك الحقبة التاريخية و الحال و أن الكاتب تعرض للوساطة بين بورقيبة و بن يوسف عبر العميد فتحي زهير، و أي تاريخ سنرويه للأجيال القادمة و العتمة مازالت تلف هذه القضية، رغم مرور أكثر من 7 عقود عن حادثة الاغتيال هذه، و هل – لو فرضنا جدلا – و أنّ تلك الوساطة نجحت و رأب الصدع بين بورقيبة وبن يوسف كيف سيكون حال البلاد بعد هذا التفاهم رغم ربما اختلاف الرؤى…؟

مسألة زعامات

*المسألة لم تكن مسألة سياسية و لا فكرية و لا أيديولوجية بقدر ما هي مسألة زعاماتية و لكن بالرغم من ظهور هذا المنحى الزعماتي  حول العالم منذ  نهاية الأربعينات فإنّ ما يميّز بورقيبة هو أنّه صاحب استراتيجية من أجل صون استقلال البلاد ومثل هذه الصفة أهلته للنجاح.
*من المفارقات العجيبة الغريبة أنّ بن يوسف كان أقرب إلى الفكر الفرنسي وهو خريج جامعاتها و الأدّلة كثيرة منها و أنّه كان من أعضاء لجنة المحادثات مع فرنسا حول الاستقلال الداخلي لتونس و لكن لماذا انقلب على بورقيبة حول هذا التمشي.
وأيضا بورقيبة هو كان الساعي و المبادر لمثل هذه الوساطات بينه و بين بن يوسف لأنّه مدرك لمراكز القوى في تلك الفترة التي كان أغلبها يميل للطرح اليوسفي و لكن الحركة النقابية هي التي رجحت الكفّة لصالح بورقيبة وذلك في مؤتمر صفاقس.
*رغم تحقيقه لاستقلال البلاد كان نقطة ضعف بورقيبة الأساسية هي الديمقراطية و التعددية و رغم وجودها في المشروع البورقيبي إلاّ أنّه لا يؤمن بذلك.

كرم وتواضع

* ليختم اللقاء ضيف بنزرت السيد البشير الخنتوش  بالحديث عن خصال العميد فتحي زهير من كرم و تواضع و كاريزما و لا يرفض أي طلب منه  مؤكدا في هذا الخصوص ما قام به وزير الصحة بصفته كان فتحي زهير  وزيرا للصحة و ما قام به من واجب في اتجاه أخيه التلميذ والوقوف مع أخيه الذي كان يشكو من مرض في عينيه وكنت وقتها لا أعرف سي فتحي زهير بل كاتبته بصفته وزيرا للصحة و عندها سألته هل تقرأ كل البريد الذي يصلك فقال نعم أقرأ كل ما يصلني من بريد مضيفا وأنّه كان ابن الشعب يساعد من يلتجئ إليه   مضيفا بالقول كم نحن في حاجة إلى التفاهم و التحابب و التسامح  بيننا كتونسيين في هذا الظرف العصيب الذي تمرّ به البلاد..
ونتجاوز كل خلافاتنا من أجل التفكير بعمق في مصير الأجيال القادمة ملاحظا و أنّه لا يريد الخوض في مثل هذه المسائل التي ربما قد تؤجج الأوضاع و مقترحا لتغيير الأجواء ذكر بعض النكات السياسية التي حدثت في عهد بورقيبة  ذاكرا و ” أنّ الزعيم بورقيبة كان قد دشن  مدجنة بجندوبة و بعدها بأيام حضر بورقيبة بجهة بوسالم لتدشين مدجنة ثانية بجهة بوسالم  فنطق أحد الحضور بالقول و أنّ نفس المدجنة تمّ جلبها ليلا من جندوبة و كان ردّ بورقيبة أنّه شاهد البارحة “السردوك” ليلا في اتجاه بوسالم « …
وكانت هذه النكات مسك الختام و التّي تركت الابتسامة على وجوه الحضور.

 مواكبة: الأمين الشابي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى