الصريح الثقافي

مندوب بنزرت للثقافة في لقاء حوار الصراحة…

في إطار مع تأدبت عليه كلّ من تنسيقية الصحفيين بولاية بنزرت و منتدى مقاصد للإعلام و الثقافة، احتضن، يوم الأربعاء 31 ماي 2023، المقهى الثقافي سيدي سالم بنزرت بنزل مرفه بنزرت، لقاءا حواريا تحت عنوان ” الثقافة في بنزرت، شواغل الحاضر و هواجس المستقبل ” وذلك مع السيد فوزي بن قيراط، المندوب الجهوي للشؤون الثقافية ببنزرت..

بالاضافة إلى حضور بعض إطارات المندوبية على غرار محمد البشير القمودي، مدير المركب الثقافي ببنزرت الشيخ ادريس ومحمد علي الخميري، كاهية مدير الأنشطة و الفنون ورضا الغربي رئيس مصلحة المؤسسات.
هذا اللقاء حضره جمع من كل أبناء الولاية تقريبا و المهتمين بالشأن الثقافي بمختلف مجالاته الأدبية و الشعرية و المسرحية و السينما و الفنون التشكيلية و أيضا ممثلين عن المجتمع المدني و خبراء في المجال الثقافي عموما، فضلا عن ممثلين عن المؤسسات الإعلامية بمختلف محاملها.

كلمة أولى

كلمة أولى قدّم خلالها الإعلامي، رشيد البكاي بصفته رئيس منتدى مقاصد، الإطار الذي يندرج فيه هذا اللقاء الحواري و مبينا ، في ذات السياق ، و أنّ المندوب الجهوي للثقافة ببنزرت، قبل الحضور في هذا اللقاء الحواري بكل رحابة صدر. مهنئا أيضا، من خلال كلمته كل من الشاب محمد بن فرج، الفائز بالجائزة الأولى دوليا بفيلم الواب القصير ( وهو الذي سيمثّل كذلك تونس بالمغرب الشقيق يوم 6 جوان 2023) و الدكتور سيف الدين بن حماد، المختص في الفنون التشكيلية و الذي رفع راية تونس أيضا في المحافل الدولية في مجاله. ليحيل الكلمة، بعد ذلك، لمندوب الثقافة – في كلمة أولى قبل انطلاق الحوار – و التي أتى فيها بالخصوص و أنّه لم يترّدد في قبول دعوة الحضور خاصّة
وأنّه حديث التعيين بالجهة و هي مناسبة للاستماع إلى مشاغل الجهة ثقافيا فضلا عن كونه يعتزم العمل في إطار 3 مراحل ، أولها، تشخيص الوضع الثقافي بالجهة بالاعتماد على أهل الذكر، و ثانيا إحداث بنك معلومات و ثالثا، تقييم الوضع و ذلك من أجل إرساء منوال ثقافي جديد يأخذ بعين الاعتبار كلّ المتغيرات في هذا المجال و لعلّ في مقدمة هذا التحديث للفعل الثقافي العمل على استقطاب الشباب و مخاطبته بلغة العصر.

حوار مثمر و بنّاء

الحوار كان ثريا و متعددا و مختلفا عن المألوف نوعيا و عدديا، حيث تناول الكلمة العديد من الحضور و أتت مداخلاتهم لتطرح العديد من الإشكاليات، فضلا عن طرح بعض الحلول و إمكانية المساهمة والتعاون مع المندوبية الثقافية ببنزرت لإنجاز المراحل الثلاثة التي اقترح إنجازها مندوب الثقافة ( التشخيص – بنك المعلومات – التقييم وصولا إلى منوال ثقافي جديد). ويمكن حوصلة للمداخلات في النقاط التالية:

اقتراحات عملية ومعقولة

التركيز على خصوصية الجهة في أي مشروع ثقافي يتم اقتراحه – إمكانية احياء بعض المهرجانات التي اندثرت على غرار مهرجان الأغنية للبحر الأبيض المتوسط و مهرجان البحر الأبيض المتوسط لفنون الطبخ و مهرجان الإنتاج الهزلي – إعادة النظر في مهرجان خميس ترنان حتى يأخذ البعد الذي يليق بهذه القامة الموسيقية و اشعاعه محليا و دوليا – اقتراح احداث مهرجان للمرسى القديم ببنزرت لما له من خصوصيات عبر التاريخ – استرجاع مبنى الكنيسة القديمة بماطر و استغلالها كمنارة ثقافية – إمكانية تحويل مهرجان حسيبة رشدي إلى مهرجان وطني – إعادة احياء ملتقى محجوب العياري للشعر بماطر – غياب أروقة الفنون التشكيلية بالجهة – العلاقة الجدلية بين غياب الثقافة و الانحراف الشبابي و الحرقة – الثقافة ليست قطاعية بل هي شمولية لا تهم فقط المؤسسات الثقافية بل وزارة التربية و الشباب و الرياضة – لماذا تفوقت المقاهي على المؤسسات الثقافية في جلب الشباب و استقطابهم في الوقت الذي عجزت على تحقيقه المؤسسة الثقافية – ضرورة فتح ملف الجمعيات الثقافية باعتبار و أن البعض منها لا علاقة له بالفعل الثقافي إلاّ ما يمكنه الحصول عليه من منح و مساعدات عمومية – لماذا ترجع وزارة التربية إلى الأنشطة الثقافية داخل المدارس و المعاهد كم كانت سابقا – هل من إمكانية لتفكيك بعض اللوبيات الثقافية بالجهة التي لا تبحث إلا على الغنائم المادية تحت يافطة الفعل الثقافي – لماذا تستقطب مركز الولاية نسبة 60 بالمئة من الأنشطة و الفعاليات الثقافية مقارنة مع بقية المعتمديات التابعة للولاية – هل يتم الاعتماد على مقاييس علمية معدّة مسبقا لدراسة طلبات التمويل العمومي التي تقدمها الجمعيات تفاديا للمحاباة – بنزرت تزخر بالعديد من المواقع و التراثية و المتاحف،
فلماذا لا يتّم تثمين هذه المواقع – وضع دار الثقافة بماطر مازال يراوح مكانه فمتى تصبح وظيفية للعروض الثقافية – لماذا لم يتم إحداث مسرح الهواء و مسبح بماطر و الحال و أنّ المطالبة بهما تعود إلى فترة الثمانينات – اقتراح بعث إذاعة أف أم ببنزرت – في نطاق أيام قرطاج للفن المعاصر التي ستنتظم ببنزرت، لماذا لا يتم إشراك أبناء الجهة من الفنانين التشكيليين فيها – لابدّ من إعادة النّظر إلى الإبداع الشبابي و إعطائه الفرصة باعتباره تفوّق كثيرا على الكبار بحكم التطور الذي تشهده الحياة الثقافية عموما وذلك بعيدا عن الطرق الكلاسيكية للفعل الثقافي –
لماذا لا يتّم استغلال البرتوكول المبرم مع الصين حول الشأن الثقافي – و لتختتم هذه المداخلات، بمداخلة مقتضبة و لكنها في العمق، لأحد الحضور و هو رجل مسّن و لكنه محنك في المجال الثقافي و مراكم للعديد من التجارب منذ زمن الاستعمار مرورا بزمن الاستقلال، و ذلك بقوله ” كلّ هذا الكلام الذي سمعته من المتدخلين جميل جدا و لكن الأجمل منه هو الفعل و ” ثني الركبة ” لأنّ الثقافة هي فعل جماعي أو لا تكون ..

ردود مقنعة و اقتراح منوال ثقافي جديد للجهة:

رغم هذا الزخم من النقاط المثارة في إطار باب النقاش كانت الإجابات التي قدّمها مندوب الشؤون الثقافية، فوزي بن قيراط، قد أحاطت بكل الجوانب لكل ما أثير حيث بيّن بداية و أنّ التعامل مع الجمعيات الثقافية لا تتم إلاّ في نقاط ما يخوّله القانون، داعيا هذه الجمعيات، في نفس السياق، للبحث عن موارد أخرى – غير التمويل العمومي من أجل تنمية مواردها. مبينا و أنّ التمويل العمومي عادة ما يتم إمّا في اطار شراكة أو عروض مدعومة أو دعم مالي مباشر. معرّجا على الوضعيات الصعبة التي تمرّ بها المؤسسات الثقافية بالجهة من دور ثقافة و مكتبات و التي تفتقر في جلّها حتى لعامل حراسةـ فضلا عن وضعيات لبعض مقراتها التي هي أصلا غير وظيفية مستدلا في هذا السياق بالمكتبة العمومية للأطفال ببنزرت.

المجتمع المدني قوّة اقتراح

ليقول في مرحلة ثانية و أن الجمعيات الثقافية و المثقفين و المجتمع المدني عموما هم قوّة اقتراح و مندوبية الثقافة ليست مطالة بالإنتاج الثقافي بقدر ما يختصر دورها على المساندة و المرافقة و التنسيق و التسيير و الدعم. مؤكدّا على أنّ تحديث المؤسسات الثقافية، لجلب الشباب، لابدّ منه، وذلك عبر عصرنة الوسائل و تغيير المناهج و المضامين و تحديث الفعل الثقافي ليكون بالفعل القاطرة التي تجرّ وراءها المجالات الأخرى. خاصة وقد أصبح للثقافة دور هام لتلعبه لمعاضدة الاقتصاد الوطني باعتبار ما تزخر به الجهة من مقدرات طبيعية و بيئية قادرة و معالم أثرية تخوّل لها المساهمة بجدّية لجلب السياح إلى هذه الربوع. و قد استدل على ذلك ببحيرة منزل عبد الرحمان و إمكانية إرساء شراكة مع الصين باعتبار وجود مثيلتها بدولة الصين الشعبية، و لم لا إمكانية التوأمة بين الجهتين. و في سياق متصل، أكّد و أن بحيرة اشكل و ما تختزله من مواصفات بيئية و ايكولوجية فريدة من نوعها في العالم، يمكن أن ندرجها في نفس الإطار بالتعاون مع الجمعية المشرفة عليها و الموجودة بتينجة/منزل بورقيبة. لكن الأهم من كلّ هذا، حسب مندوب الثقافة، أن تكون لنا نظرة استراتيجية عن الفعل الثقافي و لعلّ من أساسها تغيير المنوال الثقافي الحالي الذي لم يعد قادرا على مسايرة التغيرات والتعبيرات الثقافية المستحدثة. و عليه لابدّ من التحاور مع الجميع، جمعيات و مختصين و نخب و مثقفين بمختلف مجالاتهم، و ذلك من أجل الوصول إلى اعداد تصور و إرساء استراتيجية للعمل الثقافي يقطع مع تجزئة الفعل الثقافي و بالتالي لابدّ من توحيد الصورة حتى نكون فاعلين و يكون للجهة اشعاعا كبيرا قد يصل إلى العالمية. ليضيف مندوب الثقافة، فوزي بن قيراط ،و أنّ المندوبي على ذمّة الجميع من أجل التعاون على إرساء هذا المنوال الثقافي الجديد و من أجل خلق ديناميكية ثقافية جديدة بالجهة.

كلمة الختام

صراحة، كان اللقاء مع مندوب الثقافة، فوزي بن قيراط، لقاء الصراحة و لقاء الحوار من أجل تحقيق الأفضل ثقافيا للجهة، بحكم ما تزخر به ولاية بنزرت ككلّ من أدباء و شعراء وموسيقيين و مسرحيين و رسامين وفنانين تشكيليين و مثقفين و اعلاميين ، و هي مناسبة لدعوة كلّ هؤلاء للمساهمة في تشكيل نظرة جديدة للفعل الثقافي على أساس تصور جديد لمنوال ثقافي يستجيب لمتطلبات العصر.
ولكن شخصيا لا أؤمن إلاّ بالفعل، رغم ثقتي الكبيرة في كلّ ما قيل خلال هذا اللقاء و لعلّ ما يثلج الصدر هو تطوع البعض من مختصين و خبراء في المجال الثقافي لوضع كل خبرتهم على ذمة مندوبية الثقافة ببنزرت..

مواكبة الأمين الشابي
صـور حنــان الذوادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى